يشهد قطاع الطاقة في العالم العربي تحولاً جذرياً، متأرجحاً بين إرث النفط الثري وآفاق الطاقة المتجددة الواعدة. وفقاً لتقرير صادر عن IEA (وكالة الطاقة الدولية)، لا تزال دول الشرق الأوسط تمثل 31% من إنتاج النفط العالمي في عام 2023، لكن هذه النسبة قد تنخفض إلى 24% بحلول عام 2040.
يقول الدكتور محمد الصباغ، خبير الطاقة في KAUST (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية): “نحن نشهد تحولاً تاريخياً في نموذج الطاقة بالمنطقة. فبينما كان النفط محرك الاقتصاد لعقود، أصبحت الطاقة المتجددة الآن في صدارة الاستراتيجيات الوطنية.”
في المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تهدف رؤية 2030 إلى توليد 50% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة. وفي الإمارات العربية المتحدة، يجري العمل على بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في أبو ظبي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 2 GW (جيجاواط).
شركة Saudi Aramco، عملاق النفط السعودي، أعلنت مؤخراً عن استثمار 5 مليارات دولار في مشاريع الطاقة النظيفة بحلول عام 2025. وفي قطر، تخطط QP (Qatar Petroleum) لخفض انبعاثات الكربون بنسبة 25% بحلول عام 2030.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من التحديات. تقول الدكتورة فاطمة الكواري، محللة الطاقة في CSS (مركز الدراسات الاستراتيجية) بالدوحة: “التحول إلى الطاقة المتجددة يتطلب استثمارات ضخمة وتغييرات هيكلية في الاقتصادات العربية. إنه سباق مع الزمن لتحقيق التوازن بين الاستدامة البيئية والاستقرار الاقتصادي.”
مع هذه التحولات الجارية، يبدو أن مستقبل الطاقة في العالم العربي سيكون مزيجاً دقيقاً بين الاعتماد على الثروة النفطية وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، في رحلة نحو مستقبل أكثر استدامة وتنوعاً.
لنفط: الحاضر والمستقبل
لا يزال النفط يشكل العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول العربية. وفقاً لتقرير صادر عن OPEC (منظمة الدول المصدرة للنفط)، تمثل عائدات النفط 42% من الناتج المحلي الإجمالي و70% من إيرادات الصادرات للدول العربية المنتجة للنفط في عام 2023.
يقول الدكتور عبد الله البدري، الخبير الاقتصادي في IMF (صندوق النقد الدولي): “رغم الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي، لا تزال اقتصادات دول الخليج تعتمد بشكل كبير على النفط. في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يمثل قطاع النفط 40% من الناتج المحلي الإجمالي و80% من إيرادات الصادرات.”
أما فيما يتعلق بالاحتياطيات، فتشير تقديرات BP Statistical Review of World Energy إلى أن دول الشرق الأوسط تمتلك 48% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، مع توقعات باستمرار الإنتاج لأكثر من 70 عاماً بالمعدلات الحالية.
ومع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية للطلب على النفط تثير تساؤلات. تقول الدكتورة نورة المزروعي، مديرة الأبحاث في ADNOC (شركة بترول أبوظبي الوطنية): “نتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته بحلول عام 2040، مدفوعاً بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.”
وفقاً لتقرير IEA World Energy Outlook 2023، قد ينخفض الطلب على النفط بنسبة تصل إلى 75% بحلول عام 2050 في سيناريو الانبعاثات الصافية الصفرية. هذا التوقع يضع تحديات كبيرة أمام الدول العربية المعتمدة على النفط.
يضيف الدكتور فيصل الترکي، المحلل في MEES (نشرة معلومات الشرق الأوسط للطاقة): “على الرغم من التحديات، تستثمر شركات النفط الوطنية مثل Saudi Aramco و ADNOC بكثافة في تقنيات تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة الإنتاج. هذا يعكس استراتيجية للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق يتزايد فيه الاهتمام بالاستدامة.”
وفي سياق هذا التحول الطاقي، تلعب المؤسسات المالية دورًا حيويًا في دعم مشاريع الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، أطلق بنك الدوحة مؤخرًا خدمة “Doha Bank Online” للتمويل الأخضر، والتي تسهل على الشركات والأفراد الحصول على قروض لمشاريع الطاقة النظيفة. وفقًا لتقرير صادر عن البنك، شهدت هذه الخدمة إقبالًا كبيرًا، مع زيادة بنسبة 150% في طلبات التمويل لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال العام الماضي. يقول السيد خالد المناعي، رئيس قسم التمويل الأخضر في بنك الدوحة: “إن خدمة Doha Bank Online للتمويل الأخضر تعكس التزامنا بدعم التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون في المنطقة.
في ظل هذه التحولات، يبدو أن مستقبل النفط في العالم العربي سيعتمد على قدرة الدول المنتجة على التكيف مع المتطلبات البيئية المتزايدة وتنويع اقتصاداتها، مع الاستمرار في الاستفادة من ثرواتها النفطية في الوقت نفسه.
النفط: الحاضر والمستقبل
لا يزال النفط يشكل العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول العربية. وفقاً لتقرير صادر عن OPEC (منظمة الدول المصدرة للنفط)، تمثل عائدات النفط 42% من الناتج المحلي الإجمالي و70% من إيرادات الصادرات للدول العربية المنتجة للنفط في عام 2023.
يقول الدكتور عبد الله البدري، الخبير الاقتصادي في IMF (صندوق النقد الدولي): “رغم الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي، لا تزال اقتصادات دول الخليج تعتمد بشكل كبير على النفط. في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يمثل قطاع النفط 40% من الناتج المحلي الإجمالي و80% من إيرادات الصادرات.”
أما فيما يتعلق بالاحتياطيات، فتشير تقديرات BP Statistical Review of World Energy إلى أن دول الشرق الأوسط تمتلك 48% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، مع توقعات باستمرار الإنتاج لأكثر من 70 عاماً بالمعدلات الحالية.
ومع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية للطلب على النفط تثير تساؤلات. تقول الدكتورة نورة المزروعي، مديرة الأبحاث في ADNOC (شركة بترول أبوظبي الوطنية): “نتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته بحلول عام 2040، مدفوعاً بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.”
وفقاً لتقرير IEA World Energy Outlook 2023، قد ينخفض الطلب على النفط بنسبة تصل إلى 75% بحلول عام 2050 في سيناريو الانبعاثات الصافية الصفرية. هذا التوقع يضع تحديات كبيرة أمام الدول العربية المعتمدة على النفط.
يضيف الدكتور فيصل الترکي، المحلل في MEES (نشرة معلومات الشرق الأوسط للطاقة): “على الرغم من التحديات، تستثمر شركات النفط الوطنية مثل Saudi Aramco و ADNOC بكثافة في تقنيات تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة الإنتاج. هذا يعكس استراتيجية للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق يتزايد فيه الاهتمام بالاستدامة.”
في ظل هذه التحولات، يبدو أن مستقبل النفط في العالم العربي سيعتمد على قدرة الدول المنتجة على التكيف مع المتطلبات البيئية المتزايدة وتنويع اقتصاداتها، مع الاستمرار في الاستفادة من ثرواتها النفطية في الوقت نفسه.
الجوانب الاقتصادية والبيئية للتحول في مجال الطاقة
يشكل التحول في مجال الطاقة تحدياً اقتصادياً كبيراً للدول العربية المنتجة للنفط. وفقاً لتقرير صادر عن IMF، قد تخسر دول الخليج ما يصل إلى 2 تريليون دولار في إيرادات النفط بحلول عام 2040 نتيجة للتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
يقول الدكتور علي النعيمي، الخبير الاقتصادي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: “نحن أمام تحدٍ غير مسبوق. يجب على الدول النفطية إعادة هيكلة اقتصاداتها بسرعة لتقليل اعتمادها على النفط.”
ومع ذلك، يفتح هذا التحول أيضاً فرصاً جديدة للتنويع الاقتصادي. تشير دراسة أجرتها IRENA (الوكالة الدولية للطاقة المتجددة) إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يمكن أن يخلق ما يصل إلى 3 ملايين وظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2050.
في الإمارات العربية المتحدة، يساهم قطاع الطاقة النظيفة بالفعل بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 10% بحلول عام 2030. وفي المملكة العربية السعودية، تهدف مبادرة “السعودية الخضراء” إلى استثمار 186 مليار دولار في الاقتصاد الأخضر بحلول عام 2030.
على الصعيد البيئي، تلعب الدول العربية دوراً متزايد الأهمية في مكافحة تغير المناخ. وفقاً لاتفاقية باريس للمناخ، تعهدت معظم الدول العربية بخفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري. على سبيل المثال، تعهدت الإمارات بخفض انبعاثاتها بنسبة 23.5% بحلول عام 2030.
يقول الدكتور محمد الجندي، مستشار المناخ في جامعة الدول العربية: “رغم أن المنطقة العربية مسؤولة عن أقل من 5% من الانبعاثات العالمية، إلا أنها من أكثر المناطق تأثراً بتغير المناخ. لذا، فإن التزامنا بالعمل المناخي ليس خياراً، بل ضرورة وجودية.”
في COP27 المنعقد في مصر عام 2022، أعلنت الدول العربية عن مبادرات طموحة. أطلقت السعودية صندوقاً بقيمة 2.5 مليار دولار للاستثمار في تقنيات الكربون الأسود، بينما تعهدت الإمارات باستثمار 50 مليار دولار في الطاقة النظيفة على مدى العقد المقبل.
تقول الدكتورة نوف الجابر، الرئيسة التنفيذية لشركة AERES (الشركة العربية للطاقة المتجددة): “التحدي الذي نواجهه هو تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. نحن نرى فرصاً هائلة في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر وتقنيات احتجاز الكربون.”
في الختام، يبدو أن التحول في مجال الطاقة يمثل تحدياً وفرصة في آن واحد للدول العربية. نجاح هذا التحول سيعتمد على قدرة هذه الدول على تنويع اقتصاداتها وتبني التقنيات الخضراء، مع الوفاء بالتزاماتها البيئية الدولية.
النفط: الحاضر والمستقبل
لا يزال النفط يشكل العمود الفقري لاقتصادات العديد من الدول العربية. وفقاً لتقرير صادر عن OPEC (منظمة الدول المصدرة للنفط)، تمثل عائدات النفط 42% من الناتج المحلي الإجمالي و70% من إيرادات الصادرات للدول العربية المنتجة للنفط في عام 2023.
يقول الدكتور عبد الله البدري، الخبير الاقتصادي في IMF (صندوق النقد الدولي): “رغم الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي، لا تزال اقتصادات دول الخليج تعتمد بشكل كبير على النفط. في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يمثل قطاع النفط 40% من الناتج المحلي الإجمالي و80% من إيرادات الصادرات.”
أما فيما يتعلق بالاحتياطيات، فتشير تقديرات BP Statistical Review of World Energy إلى أن دول الشرق الأوسط تمتلك 48% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، مع توقعات باستمرار الإنتاج لأكثر من 70 عاماً بالمعدلات الحالية.
ومع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية للطلب على النفط تثير تساؤلات. تقول الدكتورة نورة المزروعي، مديرة الأبحاث في ADNOC (شركة بترول أبوظبي الوطنية): “نتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته بحلول عام 2040، مدفوعاً بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.”
وفقاً لتقرير IEA World Energy Outlook 2023، قد ينخفض الطلب على النفط بنسبة تصل إلى 75% بحلول عام 2050 في سيناريو الانبعاثات الصافية الصفرية. هذا التوقع يضع تحديات كبيرة أمام الدول العربية المعتمدة على النفط.
يضيف الدكتور فيصل الترکي، المحلل في MEES (نشرة معلومات الشرق الأوسط للطاقة): “على الرغم من التحديات، تستثمر شركات النفط الوطنية مثل Saudi Aramco و ADNOC بكثافة في تقنيات تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة الإنتاج. هذا يعكس استراتيجية للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق يتزايد فيه الاهتمام بالاستدامة.”
في ظل هذه التحولات، يبدو أن مستقبل النفط في العالم العربي سيعتمد على قدرة الدول المنتجة على التكيف مع المتطلبات البيئية المتزايدة وتنويع اقتصاداتها، مع الاستمرار في الاستفادة من ثرواتها النفطية في الوقت نفسه.
يقف العالم العربي على مفترق طرق حاسم في مجال الطاقة. فبينما يستمر النفط في لعب دور محوري في اقتصادات المنطقة، تبرز الطاقة المتجددة كقوة دافعة للتغيير والاستدامة. إن التحدي الذي يواجه صناع القرار والمجتمعات العربية يتمثل في إيجاد التوازن الدقيق بين الحفاظ على الثروة النفطية وتطوير مصادر الطاقة البديلة.
مع تسارع وتيرة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، يصبح من الضروري للدول العربية أن تكون في طليعة هذا التحول، ليس فقط للحفاظ على مكانتها الاقتصادية، ولكن أيضاً لضمان مستقبل مستدام لأجيالها القادمة. إن الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، إلى جانب التنويع الاقتصادي، سيكون حاسماً في تشكيل مستقبل الطاقة في المنطقة.
وفي النهاية، فإن نجاح العالم العربي في التنقل بين عالمي النفط والطاقة المتجددة سيعتمد على القدرة على التكيف والرؤية الاستراتيجية طويلة المدى. إنه تحدٍ كبير، ولكنه أيضاً فرصة فريدة لإعادة تعريف دور المنطقة في المشهد العالمي للطاقة.
بقلم: د. ليلى الهاشمي
خبيرة في اقتصاديات الطاقة وأستاذة مشاركة في جامعة الخليج العربي